وسائل إصلاح التربية الإسلامية
يتأثر الناشئ في حياته بعوامل كثيرة وإصلاح تربيته وقفٌ على إصلاح هذه المؤثرات وتوجيهها نحو الغاية الخاصة. وأهم هذه المؤثرات: المنزل ، والمدرسة ، والبيئة.
المنــزل
الطفل أول ما يرى من الوجود منزله وذويه فترتسم في ذهنه أول صور الحياة مما يراه من حالهم وطرق معيشتهم ، فتتشكل نفسه المرنة القابلة لكل شئ المنفعلة بكل أثر بشكل هذه البيئة
أولى ، لقول الإمام الغزالي: (الصبي أمانة عند والديه وقلبه الطاهر جوهرة ساذجة خالية من كل نقش وصورة وهو قابل لكل ما نقش ومائل إلى كل ما يمال به إليه فإن عُوّد الخير وعلمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة أبواه وكل معلم له ومؤدب ، وإن عُوّد الشر وأهمل إهمال البهائم شقي وهلك وكان الوزر في رقبة القيم عليه والوالي له).
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل مولود يولد عليه الفطرة وإنما أبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه)
وإلى هذا أشار أبو العلاء في قوله:
وينشأ ناشئ الفتيـان منـا على ما كان عوده أبوه
ما دان الفتى بحجي ولكن يعوده التديـن أقربوه
وإذا كان للمنزل كل هذا الأثر في حياة الطفل وجب ـ تحقيقا للغاية السالفة ـ أن يحاط بكل ما يغرس في نفسه روح الدين والفضيلة ، وأهم الوسائل في إصلاح المنزل:
أولا ـترقية تعليم المرأة عندنا وتزويدها في المدارس بالقدر الوافر من الدين والخلق وإفساح المجال في مناهج دراسة البنات للبحوث البيتية وتراجم فضليات النساء اللاتي كن مضرب المثل في الخلق الفاضل في زمنهم كنسيبة بنت كعب , وأسماء بنت أبي بكر , وصفية بنت عبد المطلب , وخولة بنت الأزور , وسكينة بنت الحسين وغيرهن كثير..
فالأم مدرسة إذا هذبتها أخرجت شعبا طيب الأعراق
أما أن تستمر مناهج تعليم البنات عندنا كما هي عليه الآن فتعني بالكمالي والضار وتترك الضروري والنافع فهذا مما لا يبشر بحياة طيبة للنشء الإسلامي ..
تدرس البنت في مدارسنا الموسيقى واللغة الأجنبية والهندسة الفراغية والقانون الآن ، ثم هي لا تعلم شيئا عن تربية الطفل ولا تدبير الصحة ولا عالم النفس ولا الدين والخلق ولا تدبير المنزلي!!.. فأي منهج هذا وإلى أي غاية يوصل ؟! ..
من لي بتربية البنات فإنها في الشرق علة ذلك الإخفاق
والأم إذا صلحت فانتظر من ابنها أن يكون رجلا بكل معنى كلمة الرجولة وأنت إذا استقرأت تاريخ العظماء وجدت أن السر في عظمة الكثيرين منهم ما بثته فيه الأم من المبادئ الصالحة القويمة بحكم اللبان والتلقين .. وما كان على بن أبى طالب كرم الله وجهه في حبه للحق وغيرته عليه ومناصرته للرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا معاوية في حلمه ودهائه ، ولا عبد الله بن الزبير في شجاعة نفسه ، ولا الزبير نفسه في ذلك إلا سرا من أسرار فاطمة بنت أسد ، وصفية ابنة عبد المطلب ، وأسماء بنت أبى بكر ، وهند بنت عتبة.
ولئن كان الولد سر أبيه ، فكل إناء ينضح بما فيه ..
وحري بمن يسمع في مهده لأول عهده بالحياة ـ ترنيمة أمه:
ثكلت نفسي وثكلت بكري إن لم يسد فهـرا وغير فهـر
بالحسب العـدّ وبذل الوفر حتى يوارى في ضريح القبر