الاتحاد العام الطلابي الحر |
|
| رسائل الامام حسن البنا رحمه الله ص3 | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
درة الاسلام عضو برونزي
عدد الرسائل : 132 العمر : 69 الموقع : في قلب الاتحاد العمل/المهنة : بطالييييييييييييييييييييييييست مستوى النضال : 303 تاريخ التسجيل : 24/02/2009
| موضوع: رسائل الامام حسن البنا رحمه الله ص3 الأحد أبريل 12, 2009 8:37 pm | |
| موقفنا من الدعوات المختلفة
و موقفنا من الدعوات المختلفة التي طغت في هذا العصر ففرقت القلوب و بلبلت الأفكار أن نزنها بميزان دعوتنا فما وافقها فمرحبا به و ما خالفها فنحن براء منه و نحن مؤمنون بأن دعوتنا عامة محيطة لا تغادر جزءا صالحا من أية دعوة إلا ألمت به و أشارت إليه
الوطنية
افتتن كثير من الناس بدعوة الوطنية تارة و القومية تارة أخرى و بخاصة في الشرق حيث تشعر الشعوب الشرقية بإساءة الغرب إليها إساءة نالت من عزتها و كرامتها و استقلالها و أخذت من مالها و من دمها و حيث تتألم هذه الشعوب من هذا النير الغربي الذي فرض عليها فرضا , فهي تحاول الخلاص منه بكل ما في و سعها من قوة و منعة و جهاد و جلاد , فانطلقت ألسن الزعماء و سالت انهار الصحف , و كتب الكاتبون و خطب الخطباء و هتف الهاتفون باسم الوطنية و جلال القومية
حسن ذلك و جميل و لكن من غير الحسن وغير الجميل أنك تحاول إفهام الشعوب الشرقية و هي مسلمة أن ذلك في الإسلام بأوفى وأزكى و أسمى و أنبل مما هو في أفواه الغربيين و كتابات الأوروبيين أبوا ذلك عليك و لجوا في تقليدهم يعمهون , و زعموا لك أن الإسلام من ناحية و هذه الفكرة من ناحية أخرى ، و ظن بعضهم أن ذلك مما يفرق وحدة الأمة و يضعف رابطة الشباب
هذا الوهم الخاطئ كان خطرا على الشعوب الشرقية من كل الوجهات و بهذا الوهم أحببت أن أعرض هنا إلى موقف الإخوان المسلمين و دعوتهم من فكرة الوطنية و ذلك الموقف الذي ارتضوه لأنفسهم و الذي يريدون و يحاولون أن يرضاه الناس معهم .
وطنية الحنين
إن كان دعاة الوطنية يريدون بها حب هذه الأرض، وألفتها والحنين إليها والانعطاف حولها، فذلك أمر مركوز في فطر النفوس من جهة، مأمور به في الإسلام من جهة أخرى، وإن بلالا الذي ضحى بكل شيء في سبيل عقيدته، ودينه هو بلال الذي كان يهتف في دار الهجرة بالحنين إلى مكة في أبيات تسيل رقة وتقطر حلاوة:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بواد وحولي إذ خر وجليـل وهل أردن يوما مياه مجـنة وهل يبدون لي شامة وطفيل
ولقد سمع رسول ص وصف مكة من أصيل فجرى دمعه حنينا إليها وقال: (يا أصيل دع القلوب تقر).
وطنية الحرية والعزة
وإن كانوا يريدون أن من الواجب العمل بكل جهد في تحرير الوطن من الغاصبين وتوفير استقلاله، وغرس مبادئ العزة والحرية في نفوس أبنائه، فنحن معهم في ذلك أيضا وقد شدد الإسلام في ذلك أبلغ التشديد، فقال تبارك وتعالى: (وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ) (المنافقون:8) ، ويقول: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) (النساء:141) .
وطنية المجتمع
وإن كانوا يريدون بالوطنية تقوية الرابطة بين أفراد القطر الواحد، وإرشادهم إلى طريق استخدام هذه التقوية في مصالحهم، فذلك نوافقهم فيه أيضا ويراه الإسلام فريضة لازمة، فيقول نبيه صلى الله عليه وسلم : (وكونوا عباد الله إخوانا) , ويقول القرآن الكريم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) (آل عمران:118) .
وطنية الفتح
وإن كانوا يريدون بالوطنية فتح البلاد وسيادة الأرض فقد فرض ذلك الإسلام ووجه الفاتحين إلى أفضل استعمار وأبرك فتح، فذلك قوله تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ للهِ) (البقرة:193).
وطنية الحزبية
و إن كانوا يريدون بالوطنية تقسيم الأمة إلى طوائف تتناحر و تتضاغن و تتراشق بالسباب و تترامى بالتهم و يكيد بعضها لبعض , و تتشيع لمناهج وضعية أملتها الأهواء و شكلتها الغايات و الأعراض و فسرتها الأفهام و فق المصالح الشخصية , و العدو يستغل كل ذلك لمصلحته و يزيد وقود هذه النار اشتعالا يفرقهم في الحق و يجمعهم على الباطل , و يحرم عليهم اتصال بعضهم ببعض و تعاون بعضهم مع بعض و يحل لهم هذه الصلة به و الالتفات حوله فلا يقصدون إلا داره و لا يجتمعون إلا زواره , فتلك وطنية زائفة لا خير فيها لدعاتها و لا للناس
فها أنت ذا قد رأيت أننا مع دعاة الوطنية , بل مع غلاتهم في كل معانيها الصالحة التي تعود بالخير على البلاد و العباد , و قد رأيت مع هذا أن تلك الدعوى الوطنية الطويلة العريضة لم تخرج عن أنها جزء من تعاليم الإسلام
حدود وطنيتنا
أما وجه الخلاف بيننا وبينهم فهو أننا نعتبر حدود الوطنية بالعقيدة وهم يعتبرونها بالتخوم الأرضية والحدود الجغرافية , فكل بقعة فيها مسلم يقول ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) وطن عندنا له حرمته و قداسته و حبه و الإخلاص له و الجهاد في سبيل خيره , و كل المسلمين في هذه الأقطار الجغرافية أهلنا و إخواننا نهتم لهم و نشعر بشعورهم و نحس بإحساسهم .
ودعاة الوطنية فقط ليسوا كذلك فلا يعنيهم إلا أمر تلك البقعة المحدودة الضيقة من رقعة الأرض ، ويظهر ذلك الفارق العملي فيما إذا أرادت أمة من الأمم أن تقوى نفسها على حساب غيرها فنحن لا نرضى ذلك على حساب أي قطر إسلامي ، وإنما نطلب القوة لنا جميعا ، ودعاة الوطنية المجردة لا يرون في ذلك بأسا، ومن هنا تتفكك الروابط وتضعف القوى ويضرب العدو بعضهم ببعض .
غاية وطنيتنا
هذه واحدة . والثانية أن الوطنيين فقط ، جل ما يقصدون إليه تخليص بلادهم فإذا ما عملوا لتقويتها بعد ذلك اهتموا بالنواحي المادية كما تفعل أوربا الآن ، أما نحن فنعتقد أن المسلم في عنقه أمانة عليه أن يبذل نفسه ودمه وماله في سبيل أدائها تلك هداية البشر بنور الإسلام , و رفع علمه خفاقا في كل ربوع الأرض , لا يبغي بذلك مالا و لا جاها و سلطاننا على أحد و لا استعبادا لشعب , و إنما يبغي وجه الله وحده و إسعاد العالم بدينه و إعلاء كلمته , و ذلك ما حدا بالسلف الصالحين رضوان الله عليهم إلى هذه الفتوح القدسية التي أدهشت الدنيا و أربت على كل ما عرف التاريخ من سرعة و عدل ونبل و فضل .
وحدة :
و أحب أن أنبهك إلى سقوط ذلك الزعم القائل إن الجري عن هذا المبدأ يمزق وحدة الأمة التي تتألف من عناصر دينية مختلفة , فإن الإسلام و هو دين الوحدة و المساواة كفل هذه الروابط بين الجميع ما داموا متعاونين على الخير , (لا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الممتحنة:8) , فمن أين يأتي التفريق إذاً؟
أفرأيت بعد كيف أننا متفقون مع أشد الناس غلوا في الوطنية في حب الخير للبلاد و الجهاد في سبيل في سبيل تخليصها و خيرها و ارتقائها , و نعمل و نؤيد كل من يسعى في ذلك بإخلاص , بل أحب أن تعلم أن مهمتهم إن كانت تنتهي بتحرير الوطن و استرداد مجده فإن ذلك عند الإخوان المسلمين بعض الطريق فقط أو مرحلة منه واحدة و يبقى بعد ذلك أن يعملوا لترفع راية الوطن الإسلامي على كل بقاع الأرض و يخفق لواء المصحف في كل مكان .
| |
| | | درة الاسلام عضو برونزي
عدد الرسائل : 132 العمر : 69 الموقع : في قلب الاتحاد العمل/المهنة : بطالييييييييييييييييييييييييست مستوى النضال : 303 تاريخ التسجيل : 24/02/2009
| موضوع: رد: رسائل الامام حسن البنا رحمه الله ص3 الأحد أبريل 12, 2009 8:41 pm | |
| ص4
القـومـية
و الآن سأتحدث إليك عن موقفنا من مبدأ القومية :
قومية المجد
إن كان الذين يعتزون بمبدأ "القومية" يقصدون به أن الأخلاف يجب أن ينهجوا نهج الأسلاف في مراقي المجد والعظمة ومدارك النبوغ والهمة وأن تكون لهم بهم في ذلك قدوة حسنة، وأن عظمة الأب مما يعتز به الابن ويجد لها الحماس والأريحية بدافع الصلة والوراثة، فهو مقصد حسن جميل نشجعه ونأخذ به، وهل عدتنا في إيقاظ همة الحاضرين إلا أن نحدوهم بأمجاد الماضين؟ ولعل الإشارة إلى هذا في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا) , فها أنت ذا ترى أن الإسلام لا يمنع من القومية بهذا المعنى الفاضل النبيل.
قومية الأمة
وإذا قصد بالقومية أن عشيرة الرجل وأمته أولى الناس بخيره وبره وأحقهم بإحسانه وجهاده فهو حق كذلك، ومن ذا الذي لا يرى أولى الناس بجهوده قومه الذين نشأ فيهم ونما بينهم؟
لعمري لرهط المرء خير بقية عليه وإن عالوا به كل مركب
وإذا قصد بالقومية أننا جميعا مبتلون مطالبون بالعمل والجهاد، فعلى كل جماعة أن تحقق الغاية من جهتها حتى تلتقي إن شاء الله في ساحة النصر فنعم التقسيم هذا، ومن لنا بمن يحدو الأمم الشرقية كتائب كل في ميدانها حتى نلتقي جميعا في بحبوحة الحرية والخلاص؟
كل هذا وأشباهه في معنى القومية جميل معجب لا يأباه الإسلام، وهو مقياسنا، بل ينفسح صدرنا له ونحض عليه.
القومية الجاهلية
أما أن يراد بالقومية إحياء عادات جاهلية درست، وإقامة ذكريات بائدة خلت وتعفية حضارة نافعة استقرت، والتحلل من عقدة الإسلام ورباطه بدعوى القومية والاعتزاز بالجنس، كما فعلت بعض الدول في المغالاة بتحطيم مظاهر الإسلام والعروبة، حتى الأسماء وحروف الكتابة وألفاظ اللغة، وإحياء ما اندرس من عادات جاهلية، فذلك في القومية معنى ذميم وخيم العاقبة وسيئ المغبة، يؤدي بالشرق إلى خسارة فادحة يضيع معها تراثه وتنحط بها منزلته ويفقد أخص مميزاته وأقدس مظاهر شرقه ونبله، ولا يضر ذلك دين الله شيئا : (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) (محمد:38) .
قومية العدوان
وأما أن يراد بالقومية الاعتزاز بالجنس إلى درجة تؤدي إلى انتقاص الأجناس الأخرى والعدوان عليها والتضحية بها في سبيل عزة أمة وبقائها، كما تنادي بذلك ألمانيا وإيطاليا مثلا، بل كما تدعي كل أمة تنادي بأنها فوق الجميع.فهذا معنى ذميم كذلك ليس من الإنسانية في شيء، ومعناه أن يتناحر الجنس البشري في سبيل وهم من الأوهام لا حقيقة له ولا خير فيه.
دعامتان
الإخوان المسلمون لا يؤمنون بالقومية بهذه المعاني ولا بأشباهها ولا يقولون فرعونية وعربية وفينيقية وسورية ولا شيئا من هذه الألقاب والأسماء التي يتنابز بها الناس، ولكنهم يؤمنون بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الإنسان الكامل بل أكمل معلم علم الإنسان الخير: (إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء، الناس لآدم وآدم من تراب، لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى). ما أروع هذا وأجمله وأعدله، الناس لآدم فهم في ذلك أكفاء، والناس يتفاضلون بالأعمال فواجبهم التنافس في الخير، دعامتان قويمتان لو بنيت عليهما الإنسانية لارتفعت بالبشر إلى علياء السموات، الناس لآدم فهم إخوان فعليهم أن يتعاونوا وأن يسالم بعضهم بعضا، ويرحم بعضهم بعضا، ويدل بعضهم بعضا على الخير، والتفاضل بالأعمال. فعليهم أن يجتهدوا كل من ناحيته حتى ترقى الإنسانية، فهل رأيت سموا بالإنسانية أعلى من هذا السمو أو تربية أفضل من هذه التربية؟
خواص العروبة:
ولسنا مع هذا ننكر خواص الأمم ومميزاتها الخلقية، فنحن نعلم أن لكل شعب مميزاته وقسطه من الفضيلة والخلق، ونعلم أن الشعوب في هذا تتفاوت وتتفاضل، ونعتقد أن العروبة لها من ذلك النصيب الأوفى والأوفر، ولكن ليس معنى هذا أن تتخذ الشعوب هذه المزايا ذريعة إلى العدوان، بل عليها أن تتخذ ذلك وسيلة إلى تحقيق المهمة السابقة التي كلفها كل شعب، تلك هي النهوض بالإنسانية، ولعلك لست واجدا في التاريخ من أدرك هذا المعنى من شعوب الأرض كما أدركته تلك الكتيبة العربية من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
هذا استطراد اقتضاه السير في البحث و لا أحب أن أتابعه حتى لا يشط بنا القول و لكن أعود إلى ما نحن بسبيله
رباط العقيدة
أما إذ عرفت هذا فاعلم – أيدك الله – أن الإخوان المسلمين بالنسبة إليهم قسمين :
قسم اعتقد ما اعتقدوه من دين الله و كتابه و آمن ببعثه و رسوله و ما جاء به ، و هؤلاء تربطنا بهم أقدس الروابط ، رابطة العقيدة و هي عندنا أقدس من رابطة الدم و رابطة الأرض , فهؤلاء هم قومنا الأقربون الذين نحنّ إليهم ونعمل في سبيلهم و نذود عن حماهم و نفتديهم بالنفس و المال , في أي أرض كانوا و من أية سلالة انحدروا .
و قوم ليسوا كذلك و لم نرتبط معهم بعد بهذا الرباط فهؤلاء نسالمهم ما سالمونا و نحب لهم الخير ما كفوا عدوانهم عنا , و نعتقد أن بيننا و بينهم رابطة هي رابطة الدعوة , علينا أن ندعوهم إلى ما نحن عليه لنه خير الإنسانية كلها , و أن نسلك إلى نجاح هذه الدعوة ما حدد لها الدين نفسه من سبل و وسائل , فمن اعتدى علينا منهم رددنا عدوانه بأفضل ما يرد به عنوان المعتدين .
أما إذا أردت ذلك من كتاب الله فاسمع :
1 – (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) (الحجرات:10) .
2 – (لا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ , إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ) (الممتحنة:8-9) .
و لعلي أكون بذلك قد كشفت لك عن هذه الناحية من دعوتنا بما لا يدعها في نفسك ملتبسة أو غامضة , لعلك بعد ذلك عرفت إلى أي قبيل ينتسب الإخوان المسلمون
| |
| | | درة الاسلام عضو برونزي
عدد الرسائل : 132 العمر : 69 الموقع : في قلب الاتحاد العمل/المهنة : بطالييييييييييييييييييييييييست مستوى النضال : 303 تاريخ التسجيل : 24/02/2009
| موضوع: رد: رسائل الامام حسن البنا رحمه الله ص3 الأحد أبريل 12, 2009 8:47 pm | |
| أمام الخـلافات الدينية
أتحدث إليك الآن عن دعوتنا أما الخلافات الدينية و الآراء المذهبية.
نجمع ولا نفرق
اعلم ـ فقهك الله ـ أولا: أن دعوة الإخوان المسلمين دعوة عامة لا تنتسب إلى طائفة خاصة، ولا تنحاز إلى رأي عرف عند الناس بلون خاص ومستلزمات وتوابع خاصة، وهي تتوجه إلى صميم الدين ولبه، وتود أن تتوحد وجهة الأنظار والهمم حتى يكون العمل أجدى والإنتاج أعظم وأكبر، فدعوة الإخوان دعوة بيضاء نقية غير ملونة بلون، وهي مع الحق أينما كان، تحب الإجماع، وتكره الشذوذ وإن أعظم ما مني به المسلمون الفرقة والخلاف، وأساس ما انتصروا به الحب والوحدة. ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، هذه قاعدة أساسية وهدف معلوم لكل أخ مسلم، وعقيدة راسخة في نفوسنا، نصدر عنها وندعو إليها.
الخلاف ضروري
ونحن مع هذا نعتقد أن الخلاف في فروع الدين أمر لا بد منه ضرورة، ولا يمكن أن نتحد في هذه الفروع والآراء والمذاهب لأسباب عدة: منها اختلاف العقول في قوة الاستنباط أو ضعفه، وإدراك الدلائل والجهل بها والغوص على أعماق المعاني، وارتباط الحقائق بعضها ببعض، والدين آيات وأحاديث ونصوص يفسرها العقل والرأي في حدود اللغة وقوانينها، والناس في ذلك جد متفاوتين فلا بد من خلاف.
ومنها سعة العلم وضيقه، وإن هذا بلغه ما لم يبلغ ذاك والآخر شأنه كذلك، وقد قال مالك لأبي جعفر: إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرقوا في الأمصار وعند كل قوم علم، فإذا حملتهم على رأي واحد تكون فتنة.
ومنها اختلاف البيئات حتى أن التطبيق ليختلف باختلاف كل بيئة، وإنك لترى الإمام الشافعي رضي الله عنه يفتي بالقديم في العراق ويفتي بالجديد في مصر، وهو في كليهما آخذ بما استبان له وما اتضح عنده لا يعدو أن يتحرى الحق في كليهما.
ومنها اختلاف الاطمئنان القلبي إلى الرواية عند التلقين لها، فبينما نجد هذا الراوي ثقة عند هذا الإمام تطمئن إليه نفسه وتطيب بالأخذ به، تراه مجروحا عند غيره لما علم عن حاله.
ومنها اختلاف تقدير الدلالات فهذا يعتبر عمل الناس مقدما على حبر الآحاد مثلا، وذاك لا يقول معه به، وهكذا..
الإجماع على أمر فرعي متعذر
كل هذه أسباب جعلتنا نعتقد أن الإجماع على أمر واحد في فروع الدين مطلب مستحيل، بل هو يتنافى مع طبيعة الدين، وإنما يريد الله لهذا الدين أن يبقى ويخلد ويساير العصور، ويماشي الأزمان، وهو لهذا سهل مرن هين، لين، لا جمود فيه ولا تشديد.
نعتذر لمخالفينا:
نعتقد هذا فنلتمس العذر لمن يخالفوننا في بعض الفرعيات، ونرى أن هذا الخلاف لا يكون أبدا حائلا دون ارتباط القلوب وتبادل الحب والتعاون على الخير، وأن يشملنا وإياهم معنى الإسلام السابغ بأفضل حدوده، وأوسع مشتملاته، ألسنا مسلمين وهم كذلك؟ وألسنا نحب أن ننزل على حكم اطمئنان نفوسنا وهم يحبون ذلك؟ وألسنا مطالبين بأن نحب لإخواننا ما نحب لأنفسنا؟ ففيم الخلاف إذن؟ ولماذا لا يكون رأينا مجالا للنظر عندهم كرأيهم عندنا؟ ولماذا لا نتفاهم في جو الصفاء والحب إذا كان هناك ما يدعو إلى التفاهم؟
هؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخالف بعضهم بعضا في الإفتاء فهل أوقع ذلك اختلافا بينهم في القلوب؟ وهل فرق وحدتهم أو فرق رابطتهم؟ اللهم لا وما حديث صلاة العصر في قريظة ببعيد.
وإذا كان هؤلاء قد اختلفوا وهم أقرب الناس عهدا بالنبوة وأعرفهم بقرائن الأحكام، فما بالنا نتناحر في خلافات تافهة لا خطر لها؟ وإذا كان الأئمة وهم أعلم الناس بكتاب الله وسنة رسوله قد اختلف بعضهم مع بعض وناظر بعضهم بعضا، فلم لا يسعنا ما وسعهم؟ وإذا كان الخلاف قد وقع في أشهر المسائل الفرعية وأوضحها كالأذان الذي ينادى به خمس مرات في اليوم الواحد، ووردت به النصوص والآثار، فما بالك في دقائق المسائل التي مرجعها إلى الرأي والاستنباط؟
وثم أمر آخر جدير بالنظر، إن الناس كانوا إذا اختلفوا رجعوا إلى (الخليفة) وشرطه الإمامة، فيقضي بينهم ويرفع حكمه الخلاف، أما الآن فأين الخليفة؟ وإذا كان الأمر كذلك فأولى بالمسلمين أن يبحثوا عن القاضي، ثم يعرضوا قضيتهم عليه، فإن اختلافهم من غير مرجع لا يردهم إلا إلى خلاف آخر.
يعلم الإخوان المسلمون كل هذه الحيثيات، فهم لهذا أوسع الناس صدرا مع مخالفيهم، ويرون أن مع كل قوم علما، وفي كل دعوة حقا وباطلا، فهم يتحرون الحق ويأخذون به، ويحاولون في هوادة ورفق إقناع المخالفين بوجهة نظرهم. فإن اقتنعوا فذاك، وإن لم يقتنعوا فإخوان في الدين، نسأل الله لنا ولهم الهداية.
ذلك منهاج الإخوان المسلمين أمام مخالفيهم في المسائل الفرعية في دين الله يمكن أن أجمله لك في أن الإخوان يجيزون الخلاف، ويكرهون التعصب للرأي، ويحاولون الوصول إلى الحق، ويحملون الناس على ذلك بألطف وسائل اللين والحب.
إلـى العـلاج
يا أخي : اعلم و تعلم أن مثل الأمم في قوتها و ضعفها و شبابها و شيخوختها و صحتها و سقمها مثل الأفراد سواء بسواء , فالفرد بينما تراه قويا معافى صحيحا سليما , فإذا بك تراه قد انتابته العلل و أحاطت به السقام و هدّت بنيته القوية الأمراض و الآلام , و لا يزال يشكو و يئن حتى تتداركه رحمة الله تبارك و تعالى بطبيب ماهر و نطاسي بارع يعلم موطن العلة و يحسن تشخيصها حتى و يتعرف موضع الداء و يخلص في علاجه , فإذا بك بعد حين ترى هذا المريض و قد عادت إليه قوته و رجعت إليه صحته , ربما كان بعد هذا العلاج خيرا من قبله .
قل مثل هذا في الأمم تماما , تعترضها حوادث الزمن بما يهدد كيانها و يصدع بنيانها و يسري في مظاهر قوتها سريان الداء , و لا يزال يلح عليها و يتشبث بها حتى ينال منها فتبدو هزيلة ضعيفة يطمع فيها الطامعون و ينال منها الغاصبون فلا تقوى على رد غاصب و لا تمنع من مطامح طامح , و علاجها إنما يكون بأمور ثلاثة : معرفة موطن الداء ,و الصبر على آلام العلاج , و النطاسي الذي يتولى ذلك حتى يحقق اله على يديه الغاية و يتمم الشفاء و الظفر . | |
| | | درة الاسلام عضو برونزي
عدد الرسائل : 132 العمر : 69 الموقع : في قلب الاتحاد العمل/المهنة : بطالييييييييييييييييييييييييست مستوى النضال : 303 تاريخ التسجيل : 24/02/2009
| موضوع: رد: رسائل الامام حسن البنا رحمه الله ص3 الثلاثاء أبريل 14, 2009 12:22 am | |
| منهاج الإخوان المسلمين
الغاية والوسيلة
أظنكم أيها الاخوة الفضلاء قد عرفتم من هذا الحديث الطويل غاية الإخوان ووسيلتهم ومهمتهم تماماً .
إن غاية الإخوان تنحصر في تكوين جيل جديد من المؤمنين بتعاليم الإسلام الصحيح يعمل علي صبغ الأمة بالصبغة الإسلامية الكاملة في كل مظاهر حياتها : صيغة الله ومن أحسن من الله صيغة وأن وسيلتهم في ذلك تنحصر في تغيير العرف العام وتربية أنصار الدعوة علي هذه التعاليم حتى يكونوا قدوة لغيرهم في التمسك بها والحرص عليها والنزول علي حكمها ؛ وأنهم ساروا إلى غايتهم في حدود وسيلتهم فوصلوا إلى درجة من النجاح يطمئنون إليها ويحمدون الله عليها ، و أظنني لست في حاجة إلي مزيد شرح أو بيان في هذه الناحية .
الإخوان والقوة والثورة
ويتساءل كثير من الناس : هل في عزم الإخوان المسلمين أن يستخدموا القوة في تحقيق أغراضهم والوصول إلى غايتهم ؟ وهل يفكر الإخوان المسلمين في إعداد ثورة عامة علي النظام السياسي أو النظام الاجتماعي في مصر ؟ ....
ولا أريد أن أدع هؤلاء المتسائلين في حيرة ، بل إني أنتهز هذه الفرصة فأكشف اللثام عن الجواب السافر لهذا في وضوح وفي جلاء ، فليسمع من يشاء .
أما القوة فشعار الإسلام في كل نظمه و تشريعاته , فالقرآن الكريم ينادي في وضوح و جلاء: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ) (لأنفال:60).
و النبي يقول (المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف) , بل إن القوة شعار الإسلام حتى في الدعاء و هو مظهر الخشوع و المسكنة , واسمع ما كان يدعو به النبي في خاصة نفسه و يعلمه أصحابه و يناجي به ربه : (اللّهُمّ إِنّي أَعوذُ بِكَ مِنَ الْهَمّ وَالْحَزَنِ، وَأَعوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأعوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ والْبُخْلِ وَأعوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدّيْنِ وَقَهْرِ الرّجَال) , ألا ترى في هذه الأدعية أنه قد استعاذ بالله من كل مظهر من مظاهر الضعف : ضعف الإرادة بالهم و الحزن , و ضعف الإنتاج بالعجز و الكسل , و ضعف الجيب و المال بالجبن و البخل , و ضعف العزة و الكرامة بالدين و القهر ؟ .. فماذا تريد من إنسان يتبع هذا الدين إلا أن يكون قويا في كل شيء , شعاره القوة في كل شيء ؟.. فالإخوان المسلمون لابد أن يكونوا أقوياء , و لابد أن يعملوا في قوة .
و لكن الإخوان المسلمين أعمق فكرا و أبعد نظرا من أن تستهويهم سطحية الأعمال و الفكر , فلا يغوصوا في أعماقها و لا يزنوا نتائجها و ما يقصد منها و ما يراد بها , فهم يعلمون أن أول درجة من درجات القوة قوة العقيدة و الإيمان , ثم يلي ذلك قوة الوحدة و الارتباط , ثم بعدهما قوة الساعد و السلاح , و لا يصح أن توصف جماعة بالقوة حتى تتوفر لها هذه المعاني جميعا , و أنها إذا استخدمت قوة الساعد و السلاح و هي مفككة الأوصال مضطربة النظام أو ضعيفة العقيدة خامدة الإيمان فسيكون مصيرها الفناء و الهلاك .
هذه نظرة , و نظرة أخرى : هل أوصى الإسلام ـ و القوة شعاره ـ باستخدام القوة في كل الظروف و الأحوال ؟ أم حدد لذلك حدودا و اشترط شروطا و وجه القوة توجيها محدودا ؟
و نظرة ثالثة : هل تكون القوة أول علاج أم أن آخر الدواء الكي ؟ و هل من الواجب أن يوازن الإنسان بين نتائج استخدام القوة النافعة و نتائجها الضارة و ما يحيط بهذا الاستخدام من ظروف ؟ أم من واجبه أن يستخدم القوة و ليكن بعد ذلك ما يكون ؟
هذه نظرات يلقيها الإخوان المسلمون على أسلوب استخدام القوة قبل أن يقدموا عليه , و الثورة أعنف مظاهر القوة , فنظر الإخوان المسلمون إليها أدق و أعمق , و بخاصة في وطن كمصر جرب حظه من الثورات فلم يجن من ورائها إلا ما تعلمون .
و بعد كل هذه النظرات و التقديرات أقول لهؤلاء المتسائلين : إن الإخوان المسلمين سيستخدمون القوة العملية حيث لا يجدي غيرها ، وحيث يثقون أنهم قد استكملوا عدة الإيمان والوحدة ، وهم حين يستخدمون هذه القوة سيكونون شرفاء صرحاء وسينذرون أولاً، وينتظرون بعد ذلك ثم يقدمون في كرامة وعزة ، ويحتملون كل نتائج موقفهم هذا بكل رضاء وارتياح.
وأما الثورة فلا يفكر الإخوان المسلمون فيها , ولا يعتمدون عليها ، ولا يؤمنون بنفعها ونتائجها ، وإن كانوا يصارحون كل حكومة في مصر بأن الحال إذا دامت علي هذا المنوال ولم يفكر أولو الأمر في إصلاح عاجل وعلاج سريع لهذا المشاكل ، فسيؤدي ذلك حتما إلي ثورة ليست من عمل الإخوان المسلمين ولا من دعوتهم ، ولكن من ضغط الظروف ومقتضيات الأحوال ، وإهمال مرافق الإصلاح , وليست هذه المشاكل التي تتعقد بمرور الزمن و يستفحل أمرها بمضي الأيام إلا نذيراً من هذه النذر ، فليسرع المنقذون بالأعمال . | |
| | | درة الاسلام عضو برونزي
عدد الرسائل : 132 العمر : 69 الموقع : في قلب الاتحاد العمل/المهنة : بطالييييييييييييييييييييييييست مستوى النضال : 303 تاريخ التسجيل : 24/02/2009
| موضوع: رد: رسائل الامام حسن البنا رحمه الله ص3 الثلاثاء أبريل 14, 2009 12:26 am | |
| طور جديد في دعوة الإخوان المسلمينبـِسْــمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيـمِ هذا طور جديد في دعوة الإخوان المسلمين ، أحببت أن أتحدث إلى القراء عنها فيه.. فقد نشأت هذه الدعوة والناس في انصراف عن الفكرة الإسلامية وفى إعجاب بالفكرة الغربية المادية فأخذت طريقها في هدوء إلى قلوب الطبقة الأولى من الناس ، طبقة الجماهير المؤمنة السليمة العقائد والصدور، وظلت في نفوسهم أمينة عزيزة وعاطفة متوقدة كريمة وشعلة مشرقة منيرة ، على حين كانت جمهرة المفكرين وأهل الرأي والتوجيه يروجون للفكرة الأخرى ويهتفون بها ويدعون الناس إليها ويزينوها في الأسماع والأبصار والقلوب بمختلف صنوف التزيين والتحسين.وشاء الله أن تقع الأحداث العنيفة (الحرب العالمية الثانية) التي هزت كل العقول والمشاعر والقلوب والأفكار، وأشعرت الإنسانية الحاجة الشديدة إلى إعادة النظر في مناهج الحياة وقواعد المدنية ودعائم التحضر ، وانطلقت الأصوات من كل مكان تهيئ لنظام جديد وعلاج جديد.وصادف ذلك امتحان لدعوة الإخوان كشف عن جوهرها ولفت أنظار الناس إليها ، وجمع كثيراً من القلوب النافرة حولها ، وبذلك انتقلت الدعوة إلى القلوب المؤمنة والعقول المفكرة ، وأصبحت قاعدة مسلمّا بها بعد أن كانت عاطفة متحمسة ، ونظر إليها كثير من الناس على أنها مبادئ ممكنة التحقيق صالحه للتطبيق ، فلم تعد حلماً في الرؤوس أو وجداناً في النفوس فقط.وكان طبيعيا أن تكثر الأسئلة عن مرامي الدعوة وكنهها وعن الطرق التي يسلكها أهلها والقائمون بها في علاج ما يحيط بتطبيق مبدئها وتعاليمها من مشاكل داخلية وخارجية ، ولم يعد يكفى في الجواب عن ذلك كلام مرتجل أو خطابة تثير المشاعر أو عبارات تؤثر في العواطف ، بل صار واجبا على أهل هذه الدعوة أن يصورها للناس تصويرا منطقيا دقيقا واضحا مبينا على أدق قواعد البحث العلمي ، وأن يرسموا أمام الناس الطرق العملية المنتجة التي أعدوها لتحقيق ما يريدون ، ولتذليل ما سيصادفون من عقبات لابد من وجودها في الطريق .ولعل طورا آخر ينتظر هذه الدعوة حين توضع موضع التجربة العملية ،وحينئذ يتم هذا الهيكل الذي تجهز له هذه اللبنات ، وحينئذ يرى الناس أي خير سينالون من تطبيق هذه المبادئ السامية وتحقيق هذه الأهداف العالية.وسأتناول إن شاء الله خصائص هذه الدعوة ومراميها ، والشبهات التي تورد عليها والعقبات التي تحيط بها في هذا الطور الجديد ، مستمدا من الله المعونة والتوفيق. ربانية عالميةأخص خصائص دعوتنا أنها ربانية عالمية :أ ـ أما أنها ربانية فلأن الأساس الذي تدور عليه أهدافنا جميعا ، أن يتعرف الناس إلى ربهم ، وأن يستمدوا من فيض هذه الصلة روحانية كريمة تسموا بأنفسهم عن جمود المادة الصماء وجحودها إلى طهر الإنسانية الفاضلة وجمالها. نحن الإخوان المسلمين لنهتف من كل قلوبنا:"الله غايتنا" فأول أهداف هذه الدعوة أن يتذكر الناس من جديد هذه الصلة التي تربطهم بالله تبارك وتعالى والتي نسوها فأنساهم الله أنفسهم (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:21) . وهذا في الحقيقة هو المفتاح الأول لمغاليق المشكلات الإنسانية التي أوصدها الجمود والمادية في وجوه البشر جميعاً فلم يستطيعوا إلى حلها سبيلاً ، وبغير هذا المفتاح فلا إصلاح .ب ـ وأما أنها عالمية فلأنها موجهه إلى الناس كافه لأن الناس في حكمها إخوة : أصلهم واحد ، وأبوهم واحد ، ونسبهم واحد ، لا يتفاضلون إلا بالتقوى و بما يقدم أحدهم المجموع من خير سابغ وفضل شامل (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء:1) . فنحن لا نؤمن بالعنصرية الجنسية ولا نشجع عصبية الأجناس والألوان ، ولكن ندعو إلى الأخوة العادلة بين بنى الإنسان .قرأت لأحد زعماء الغرب أنه يقسم الجنس البشرى إلى مبتكرين ومحافظين ومخربين ، وهو يعتبر قومه مبتكرين ويعتبر قوما آخرين من الغربيين محافظين ، ويعتبرنا نحن الشرقيين وما إلينا عدا هذين مخربين ومدمرين , هذا التقسيم ظالم جائر فضلا عن أنه غير صحيح بأصله ، فالجنس البشرى كله مرده إلى دم واحد وطينه واحدة وإن اختلفت البيئات والوسائط والمدارك والثقافات . وإذا هذب الإنسان استطاع أن يرتقي من رتبته إلى أعلي منها بدرجة ما يصل إليه من تهذيب . وليس هناك جنس من بني آدم لا يمكن إصلاحه في حدود ظروفه وبيئته الخاصة به . هذا من جهة , ومن جهة أخري فإن هذا الشرق الذي وضع في صف المخربين والمدمرين هو مبعث المدنيات ومشرق الحضارات ومهبط الرسالات ، وهو مفيض ذلك كله علي الغرب ، لا ينكر هذا إلا جاحد مكابر . ومثل هذه المزاعم الباطلة إنما هي نزوات من غرور الإنسان وطيش الوجدان لا يمكن أن تستقر علي أساسها نهضات أو تقوم على قاعدتها مدنيات , وما دام في الناس من يشعر بمثل هذا الشعور لأخيه الإنسان فلا أمن ولا سلام ولا اطمئنان حتى يعود الناس إلى علم الأخوة فيرفعونه خفاقاً ، ويستظلون بظله الوارف الأمين ، ولن يجدوا طريقاً معبدة إلى ذلك كطريق الإسلام الذي يقول كتابه : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ) (الحجرات:13) . ويقول نبيه r : (ليس منا من دعا إلى عصيبة ، وليس منا من مات علي عصيبة) رواه أحمد من حديث جبير بن مطعم t .ولهذا كانت دعوة الإخوان المسلمين ربانية إنسانية . | |
| | | درة الاسلام عضو برونزي
عدد الرسائل : 132 العمر : 69 الموقع : في قلب الاتحاد العمل/المهنة : بطالييييييييييييييييييييييييست مستوى النضال : 303 تاريخ التسجيل : 24/02/2009
| موضوع: رد: رسائل الامام حسن البنا رحمه الله ص3 الثلاثاء أبريل 14, 2009 12:29 am | |
| بين العقلية الغيبية والعقلية العلمية
ولقد تذبذب العقل البشري منذ وجد الإنسان علي ظهر الأرض إلى يومه هذا ـ وأغلب الظن كذلك حتى تتداركه هداية من الله ـ بين أطوار ثلاثة ، وإن شئت قلت بين ألوان ثلاثة من ألوان التفكير والتصوير :
1 ـ طور الخرافة والبساطة والتسليم المطلق للغيب المجهول والقوي الخفية البعيدة عنه . فهو ينسب إليها كل شيء ويفسر بها كل شيء . ولا يري لنفسه معها عملاً ولا فكراً ، وكثيراً ما استبد هذا الطور بالإنسان في أدوار حياته الأولي يوم عاش علي هذه الأرض يجهلها وتجهله ، ولعل أقواماً من بني الإنسان لا يزالون يعيشون علي هذا النحو إلى الآن .
2 ـ وطور الجمود والمادية والتنكر لهذا الغيب المجهول ، والخروج علي هذه القوي البعيدة علي حس الإنسان والتمرد علي كل ما يتصل إليها بسبب ، ومحاولة تفسير مظاهر الكون جميعاً محاولة مادية صرفة وفق قوانين تجريبية اهتدي إليها الإنسان بطول تجاربه ودوام بحثه وتفكيره . وكثيراً ما طغى هذا التفكير علي العقل الإنساني في هذه العصور الحديثة ، التي وصل فيها الإنسان إلى الكشف عن كثير من مجهولات الطبيعة ، وعرف فيها الكثير من خواص الكائنات ، فظن أنه واصل لا محالة بهذا الأسلوب إلى معرفة ما هناك ، وإن كان الذي يعرفه بالنسبة إلى ما يجهله كالذرة من الرمال في الفلاة الواسعة الفسيحة .
وفي هذا الدور أنكر الإنسان المادي الألوهية وما يتصل بها والنبوات وما يمت إليها والآخرة والجزاء والعالم الروحي بكل ما فيه ، ولم ير شيئاً إلا هذا العالم الأدنى المحدود يفسر ظواهره بحسب قوانينه المادية الصرفة .
كلا هذين اللونين من ألوان التفكير خطأ صريح وغلو فاحش وجهالة من الإنسان بما يحيط بالإنسان .
3 ـ ولقد جاء الإسلام الحنيف يفصل القضية فصلاً حقاً ، فيقرر حق العالم الروحي ويوضح صلة الإنسان بالله رب الكائنات جميعاً وبالحياة الآخرة بعد هذه الحياة الدنيا ، ويجعل الإيمان بالله أساس إصلاح النفس التي هي من عالم الروح فعلاً والتي لا سبيل إلى صلاحها إلا بهذا الإيمان , ويصف ذلك العالم الغيبي المجهول وصفاً يقربه إلى الأذهان ولا يتنافى مع بدهيات العقول ، وهو مع هذا يقرر فضل هذا العالم المادي وما فيه من خير للناس لو عمروه بالحق وانتفعوا في حدود الخير ، ويدعو إلى النظر السليم في ملكوت السماوات والأرض ، ويعتبر هذا النظر أقرب إلى معرفة الله العلي الكبير . هذا الموقف من الإسلام الحنيف ألزم العقل البشري لوناً من ألوان التفكير ، هو أكملها وأتمها وأكثرها انطباقاً علي واقع الحياة ومنطق الكون ، وأعظمها نفعاً لبني الإنسان : ذلك هو الجمع بين الإيمان بالغيب والانتفاع بالعقل . فنحن نعيش في عالمين فعلاً لا في عالم واحد ، ونحن عاجزون عن تفسير كثير من ظواهر الكون فعلاً ، عاجزون عن إدراك كل الحقائق الأولية التي تحيط بنا . ونحن في إدراكها ننتقل من مجهول إلى مجهول حتى ينتهي بنا العجز إلى الإقرار بعظمة الله ، ونحن نشعر من أعماق قلوبنا بعاطفة الإيمان قوية مشبوبة ، لأن الإيمان من فطرة نفوسنا وهو لها ضرورة من ضرورات حياتها كالغذاء والهواء والماء للأجسام سواء بسواء . ونحن بعد ذلك نلمس أن المجتمع الإنساني لن يصلحه إلا اعتقاد روحي يبعث في النفوس مراقبة الله والتعزي بمعرفته ، ومن هنا كان لزاماً علي الناس أن يعودوا إلى الإيمان بالله والنبوات وبالروح وبالحياة الآخرة ، وبالجزاء فيها علي الأعمال (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ , وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ) (الزلزلة:7-8) .
كل هذا في الوقت الذي يجب عليهم فيه أن يطلقوا لعقولهم العنان لتعلم وتعرف وتخترع وتكتشف وتسخر هذه المادة الصماء وتنتفع بما في الوجود من خيرات وميزات : (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) (طـه:114) , وإلي هذه اللون من التفكير الذي يجمع بين العقليتين الغيبية والعلمية ندعو الناس . لقد عاش الغرب أخريات أيامه مادي النزعة لا يشعر بغير المادة ولا يعترف بغير المادة ولا يحس بوجود غيرها حتى ماتت في نفوس أبنائه عواطف الرحمة الإنسانية ، وخبت أنواع الروحانية الربانية . وهيمن الغرب علي الدنيا بأسرها بعلومة ومعارفه ومباهجه وزخارفه وكشوفه ومخترعاته وجنوده وأمواله , وصبغ الفكر البشري في كل مكان بصبغته هذه .
والآن والدنيا كلها تكتوي بهذه النيران تنبثق الدعوة من جانب جديد لتهيب بالناس في الشرق والغرب معاً أن يمزجوا المادة بالروح , وأن يؤمنوا بالغيب والشهادة ، وأن يعترفوا من جديد إلى الله : (فَفِرُّوا إِلَى اللهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) (الذريات:50) . | |
| | | عنترة بن شداد عضو ذهبي
عدد الرسائل : 437 العمر : 36 الموقع : la suiss -elogla العمل/المهنة : طالب او بطال/// النت والمطالعة مستوى النضال : 651 تاريخ التسجيل : 24/03/2009
| موضوع: رد: رسائل الامام حسن البنا رحمه الله ص3 الخميس أبريل 16, 2009 7:45 pm | |
| | |
| | | gta_yac عضو فضي
عدد الرسائل : 292 العمر : 32 مستوى النضال : 2248 تاريخ التسجيل : 10/04/2009
| موضوع: رد: رسائل الامام حسن البنا رحمه الله ص3 السبت أبريل 18, 2009 3:26 pm | |
| | |
| | | | رسائل الامام حسن البنا رحمه الله ص3 | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |
|