نجل الرئيس بوضياف يهدد باللجوء إلى لاهاي لمعرفة قاتل والده
الجزائر: تـــبسة -جلاب محمد أمين-
هدد نجل الرئيس الجزائري الاسبق محمد بوضياف، امس، برفع شكوى قضائية لدى محكمة الجزاء الدولية، في لاهاي من اجل اعادة التحقيق في ظروف وملابسات اغتيال والده.
وانتقد ناصر بوضياف، بمناسبة الذكرى التاسعة لاغتيال والده صمت السلطات والجهات المختصة ازاء تصريحات تشكك في الرواية الرسمية لحادث الاغتيال خلال خطاب كان يلقيه في قصر الثقافة بمدينة عنابة (شرق الجزائر) يوم 29 يونيو (حزيران) عام 1992. وقد شاهد العالم على المباشر جزءا من عملية الاغتيال، قبل ان تعلن الجهات الرسمية ان الجاني هو ضابط كان مكلفا بالحراسة المقربة للرئيس.
وجرت محاكمة المتهم في العاصمة وصدر ضده حكم بالاعدام، وبما ان احكام الاعدام مجمدة في الجزائر منذ عام 1994، فان الملازم لمبارك بومعرافي يقضي عقوبته في سجن سركاجي بالعاصمة. واستند نجل محمد بوضياف الى تصريحات السيدة فتحية بوضياف، ارملة الرئيس الراحل، ظهر فيها ان الرواية الرسمية غير صحيحة، وان هناك ادلة اخرى تجاهلها القضاء وكان بالامكان البحث فيها واعادة التحقيق من جديد. ومن بين العناصر التي اشارت اليها ارملة بوضياف «اختفاء السلاح الذي نفذ به الجاني الجريمة» و«ظهور اثر رصاصة من العيار الثقيل على القفص الصدري للضحية، وهو دليل على ان هناك رصاصة اطلقت عليه من الامام، وليس من الوراء حيث كان بومعرافي، المتهم المفترض، موجودا اضافة الى انه «لم يتم تشريح الجثة على الاطلاق» كل هذا جعل ناصر بوضياف، يتساءل عن سر عدم مطالبة هيئة الدفاع اعادة فتح ملف القضية «على ضوء هذه المعلومات الجديدة». لذلك فضل «امام الصمت المطبق الذي اعقب هذه التصريحات» التلويح بحقه في «رفع شكوى لدى محكمة الجزاء الدولية في لاهاي» حتى يبقى حسب قوله، «وفيا لشرف المرحوم والدي».
وكانت ارملة محمد بوضياف قد تحدثت، عقب اغتيال زوجها، عن وقوف دوائر من «المافيا السياسية المالية» وراء تصفية رئيس المجلس الاعلى للدولة الذي قدم من منفاه في المغرب لتولي مقاليد الحكم في البلد اثر استقالة الرئيس الشاذلي بن جديد والغاء المسار الانتخابي. وكان بوضياف قد وجه انتقادات مباشرة لمافيا السياسة والمال وتوعد بشن حرب ضدها، لكنه لم يستمر في الحكم ازيد من ستة اشهر، ولم يكن ذلك كافيا لتنفيذ توعده. ولا يزال الرأي العام المحلي، لحد الان، يعتقد ان خلاصة لجنة التحقيق بشأن اغتـــيال بوضياف «غير مقنعة»، وان ذلك لم يكن فعلا معزولا.
ومن جهة ثانية افادت مصادر موثوقة، في الجزائر ان رئيس الجبهة الاسلامية للانقاذ المحظورة لم يستفد «لحد الان من اية اجراءات تخفف ظروف اقامته الجبرية» واستبعدت لجوء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة «في الظروف الحالية التي تعيشها البلاد الى اتخاذ اية اجراءات في هذا الخصوص، لا في حق عباسي مدني ولا في ما يتعلق بزميله علي بن حاج». وقالت هذه المصادر في اتصال مع «الشرق الأوسط» ان «عباسي مدني يعيش نفس الظروف التي يوجد فيها منذ اربع سنوات، ولم نلاحظ اي شيء بخصوص ما يتردد عنه عبر وسائل الاعلام المختلفة».
في حين اشار مصدر مقرب من عائلة زعيم الحزب الاصولي المحظور ان «الشيخ عباسي مدني صار، بالعكس، يعاني من مضايقات عديدة، ولا يستجاب لطلباته الا بعد ان ينساها وقد لا يستجاب لها اصلا».
وذكر ذات المصدر المقرب من عباسي ان المكلفين بحراسته «كثيرا ما رفضوا الترخيص للتقنيين للصعود الى بيته قصد اصلاح عطب متكرر في الهوائي المقعر الذي يتابع عبره برامج التلفزيونات الفضائية العربية والاجنبية».
وسبق لمصادر اخرى ان اشارت لـ «الشرق الأوسط» قبل ايام، الى استفادة مدني من اجراءات تخفف من ظروف اقامته الجبرية الصعبة، واشارت الى انه اصبح يقرأ الصحف والمجلات المحلية ويتلقى زيارات بعض اصدقائه وزملائه من قيادات الحزب المحظور وفسرت هذه المصادر هذه الاجراءات الجديدة على انها «دلائل على قرب اعلان الرئيس بوتفليقة عن اطلاق سراحه» قبل ان يلحق به زميله علي بن حاج الموجود في سجن عسكري يقضي فيه حكما بـ 12 سنة سجنا، منذ يونيو (حزيران) عام 1991، وقد نقلت صحيفة محلية هذه المعلومات التي نفتها في حينها مصادر قيادية في «الجبهة» واعتبرت ذلك من قبيل «الدعاية»، و«مجرد اقاويل لا اساس لها من الصحة».
وكان عباسي قد استفاد في عهد الرئيس السابق الامين زروال من الافراج المشروط في اغسطس (آب) 1997، بعد ان قضى نصف عقوبته في السجن. وقد وجهت عدة طلبات الى الرئيس بوتفليقة قصد الافراج عنه وعن علي بن حاج، الا انه كان يرد ان عباسي يعيش ظروفا اشبه بتلك التي يعيشها رئيس الدولة وانه سيسعى لتحسين ظروف اعتقال علي بن حاج.