aminedjellab عضو برونزي
عدد الرسائل : 85 العمر : 36 مستوى النضال : 288 تاريخ التسجيل : 27/03/2009
| موضوع: الإنتقال من البدو إلى الحضارة .....؟ الجمعة يوليو 03, 2009 7:42 pm | |
| الإنتقال من البدو إلى الحضارة : إن عملية الإنتقال من البدو إلى التحضر تعد عملية تغييرية كبرى في حياة الشعوب , وانتقالا نوعيا في أساليب التعامل و التفكير لدى عموم الناس , من حيث تخلصهم من عوامل التخلف و الفقر , وخروجهم من عالم الجهل إلى عالم النور , وهذه العملية تتطلب جهودا جبارة ومراحل متتابعة وأساسية , حسب طبيعة الأفراد والمجتمع والعادات والتقاليد والمباديء المسيطرة على هذا المجتمع , والإنتقال إلى التحضر لا يعني الإستغناء عن الثوابت والمباديء , وإنما الحفاظ على هذه المباديء ومحاولة تطويرها مع المتغيرات و المستجدات دون المساس بكنهها وأصولها الثابتتة , لأنها تمثل الهوية و الشخصية المرتبطة بتواجد الشعوب و نضالاتها , إلا أن هناك بعض التقاليد البالية التي لا تمت إلى الدين أو الأصالة بأي وجه , وهي في الواقع سبب تشويه الدين والقضاء على الثوابت الأساسية , بل سبب في تخلفنا و تقهقرنا , ولكي نتخلص منها وجب علينا القيام بتوعية كبرى لدى الفئات الإجتماعية التي لا زالت متمسكة بها , ومعتقدة أنها السبيل إلى الحياة السعيدة والخالية من الأخطار و الكوارث المتنوعة . وعملية التغيير الحضاري تستدعي تغيير منظومة التفكير لدى المجتمع , و إقناعه بضرورة العمل والإجتهاد لنيل الكرامة و السعادة , وعدم ادخار أي جهد لذالك , مهما كانت الظروف والعواقب , لأن الهدف واحد وهو التخلص من التبعية و الركود الذي عانت منه الأمة طيلة عهد من الزمن , والذي كان سببه الإستعمار البغيض , فكما تمكنا من طرد الإستعمار من الأرض , فيمكننا أن نطرد البؤس و التخلف بنفس الهمة و النضال, لأن عملية البناء تتطلب وعيا أكثر , و جهادا متواصلا , على جميع الأصعدة والميادين , دون تمييز , فالتغيير الحضاري هو كل متكامل , وهو عملية ذات تعقيد , من حيث طبيعة التفكير لدى بعض الفئات التي لم تعرف هدفها الأساسي في الحياة , فهي عملية لا تقتصر على فئة ما , وإنما تتطلب مشاركة الجميع , المتعلم وغير المتعلم والمثقف وغير المثقف , بحيث أن الذي فاته وقت التعلم يمكنه تدارك ذالك , والذي لم ينل من الثقافة و الفكر , يمكنه أن يأخذ من الحياة و يلتحق بالركب , فالكل مسؤول والكل له دوره في عملية التغيير . والإنتقال من البدو لايعني التخلص من بيئته , وإنما تكييف هذه البيئة مع التغيرات الحديثة , بحيث تستغل الفلاحة بأساليب ووسائل ذات قدرة و نتائج أفضل , وتستغل الصناعة التقليدية , لتطور وتصبح صناعة ملائمة للعصر , ملبية للمتطلبات , ويعاد النظر في كيفيات التعمير والبناء , بالإعتماد على المهندسين الأكفاء لدراسة و تأسيس المدن الحضارية , ذات الإيجابيات المعروفة , من حيث توفرها على كل ما يريده الإنسان من عوامل للبقاء , وتحسين الإدارة لتصبح عاملا أساسيا في تنظيم الحياة و الحفاظ على الممتلكات العامة . وعملية التغيير ليست حديثة في حياة الشعوب وبناء الحضارات , فهي قديمة قدم الإنسان , وتطلعه للإبداع و الإبتكار الفكري و العلمي , فكم من شعوب كانت تتخبط في ويلات الفقر والجوع والتخلف , ولكن بسبب الإرادة و الرغبة في الإرتقاء والنمو , وكفاح هذه الشعوب لعوامل التقهقر , أدى ذالك في فترات وجيزة إلى تطور مذهل , ترك بصماته على صفحات التاريخ , ومكن البشرية من الإنتقال من ضائقة العبودية إلى نور الحضارة والفكر . فلا بد للتغيير الحضاري من أفكار وجيهة , ومفكرين متمكنين , دارسين لأوضاع المجتمع , ومدركين لكيفيات نشر الوعي و الثقافة لدى الفئات الإجتماعية , ويتقبل المجتمع آراءهم وأفكارهم , ولعل الطلاب أو المتخرجين من الجامعات والمعاهد العلمية , هم المعنيون الأوائل بهذا الدور , لأنهم يمتلكون الطاقات الفكرية و العلمية التي تؤهلهم لذالك , وهم الفئة الأكثر اهتماما بعمليات التغيير , فإدراكهم لمتغيرات العصر وتحدياته , سبب ودافع قوي لعدم ركودهم واستسلامهم للأوضاع السيئة التي عان منها مجتمعهم , وكانو شاهدين على هذه الأوضاع , فالضمير الحي لا يصمت أمام ما يراه من معاناة ومآسي لم تجد من يرفعها عن واقع المجتمع , فلا بد لهذا الضمير أن يتحرك , ولابد للمجتمع أن يستجيب .
| |
|