السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
لموقع والمساحة:
تقـع ولايـة تبسـة شـرق الهضـاب العليـا وشمـال شرق المنطقـة الصحراوية، يحدها شرقا الجمهورية التونسية بشريط حدودي بحوالي 297 كلم ومـن الشمال ولاية سوق أهراس وغربا ولايتي أم البواقي وخنشلة وجنوبا ولاية الوادي التي تتقاسم معها واحات (نقرين وفركان) تبلغ مساحتها(13878 كلم2).
تقع مدينة تبسة في سفح منطقة تضاريسية جبلية وعرة، عالية القمم أحيانا، ومتوسطة الإرتفاع في بعض المناطق. حيث يبلغ متوسط ارتفاع جبالها حوالي 1286 متر فوق سطح البحر.
وهي تقع بين خطي عرض 30-32 شمالا، وخط طول 5.54، في حمى جبال [الدكان والقعقاع وبورمان]، وهم أحد فروع سلسلة جبال الأوراس الشاهقة.
وهي تنتمي جغرافيا للإقليم القاري، المتميز بحرارته الشديدة صيفا وببرودته الشديدة شتاء، كما تعرف بقساوتها المناخية، والجوية الطبيعية، وبهوائها الجاف. وهي بذلك تدخل ضمن نطاق المناطق السهبية، وتشتهر بالرعي وبالزراعات البعلية، كما تشتهر أيضا بالصناعات التقليدية المرتبطة أساسا بالماشية ومنتجاتها الصوفية.
قد بلغ عدد سكانها حسب إحصائيات 2007 (675.732 نسمة) منهم (331.111 إناث) و(344.621 ذكور) يتوزعون على 28 بلدية و12 دائرة.وأهم المدن الرئيسية للولاية كل من مدينة تبسة (عاصمة الولاية)، بئر العاتر، ونزه والشريعة
التركيبة السكانية:
أصل سكان تبسة أمازيغيون كغيرهم من سكان المغرب العربي يعتبرون من العرب المستعربة نتيجة مجيء عرب الجزيرة العربية من خلال الفتوحات الإسلامية إلى شمال أفريقيا. ومن أهم خصوصيات المنطقة محافظة سكانها على النمط القبلي العشائري.
حيث يسكن منطقة تبسة منذ الفتح الإسلامي القبائل البربري المستعربة المعروفة بقبائل [النمامشة]، بالإضافة إلى القبائل العربية، التي سكنتها بعد موجات الهجرات العربية إليها في القرنين الرابع والخامس الهجريين، ولاسيما بعد هجرة الهلاليين من بني سليم وهلال بن عامر وقيس عيلان في منتصف القرن الخامس الهجري.
وتعد قبيلة [النمامشة]البربرية المستعربة التي سكنت المنطقة أكبر قبيلة تهيمن على المنطقة منذ العهود الرومانية القديمة إلى اليوم، ويجاورها إلى اليوم العديد من القبائل العربية.
ويتوزع الهيكل القبلي لأعراش وقبائل منطقة تبسة حسب التقسيم القبلي التالي:
1. قبيلة النمامشة: وتقسم إلى قسمين: العلاونة وهم سكان الأعالي، وأخذوا تسميتهم العلاونة من سكنى أعالي الجبال، والبرارشة وهم سكان مناطق السهول والبراري المنخفضة، وأخذوا تسميتهم البرارشة من سكنى البراري.
2. قبيلة أولاد سيدي يحي بن يعقوب بن طالب العربية: وهم يسكنون في الشمال الشرقي من مدينة تبسة، ويرجعون إلى الأصول العربية المهاجرة إلى المنطقة وبها عدد وفير من الأعراش والعشائر والبطون والأفخاذ.
3. قبيلة اولاد سيدي عبيد العربية: وهم عشيرة عربية الأصل، كبيرة العدد، كثيرة الفروع، تسكن جنوب المنطقة، ويجاورها قبيلة أولاد سيدي عبد المالك العربية، وقبيلة أولاد دريد العربية أيضا.
4. قبائل أخرى: كما توجد بمنطقة تبسة قبائل أخرى صغيرة العدد، قليلة الأهمية، لا تحتل مساحة كبيرة، أشهرها أولاد دراج العربية الهلالية وأولاد ملول البربرية والزغالمة والفراشيش.
وبالنسبة لقبيلة النمامشة البربرية ذات العشائر والبطون الكثيرة جدا فقد كانت تسكن المنطقة منذ آلاف السنين، ولما جاء الفتح الإسلامي شهدت أعتى المعارك ضدهم بقيادة الكاهنة وأبنائها، ثم أسلمت وحسن إسلامها، واستعربت شيئا فشيئا من بداية الفتح الإسلامي، وانحازت نحو الثقافة والغة العربية والإسلامية بشكل نهائي بعد زحف القبائل الهلالية على بلاد المغرب الإسلامي في منتصف القرن الخامس الهجري العاشر الميلادي.
وقبيلة أولاد (سيدي يحي بن يعقوب بن طالب) العربية، فهي من القبائل العربية التي سكنت إلى الشمال من مدينة تبسة، بعد مجيء الشيخ والداعية سيدي يحي بن يعقوب بن طالب العربي واستيطانه في المنطقة، وإصهاره من أهلها، وكذلك أم قبيلة (بني عبيد العربية) التي استوطنت المنطقة الجنوبية من المنطقة التبسية.
وأما قبيلتا (أولاد دراج العربية) و(أولاد أملول البربرية) الأصل فوجودهما واستوطانهما في منطقة تبسة له سبب وجيه، يعود إلى حقبة الإحتلال الفرنسي، فبعد سقوط مدينة قسنطينة بيد الفرنسيين سنة 1837م، وانسحاب قائدها التركي (الحاج احمد باي ت 1853م)، وتشكيله للمقاومة الشرسة في جبال الأوراس والنمامشة واستعانته بقبائل النمامشة والأوراس، ما أثار القلاقل لفرنسا في المنطقة، وخشيت إن استفحل أمره وقوي عوده أن يعود لاستعادة قسنطينة منهم، فانتدبت له فرقة عسكرية خاصة لتلاحقه وتقضي عليه نهائيا، مما اضطرها إلى التوسع في منطقة الأوراس واحتلالها بداية من سنة 1842م.
وكانت كلما حاولت احتلال منطقة في الجزائر تسعى جاهدة لكسب ولاء القبائل المتواجدة فيها، وعندما كانت تنتفض عليها أي قبيلة جزائرية كانت تستخدم معها أشد طرق القمع والإرهاب، ومن بين طرقها الإرهابية الترحيل الجماعي لكافة أفراد القبيلة. ولما ثار سكان الشرق الأوراسي في منطقة باتنة على السيادة الفرنسية بعد احتلالها لبلدة (تازولت-لمبيزويوس) التاريخية الشهيرة، انتقمت منهم بعد القضاء على انتفاضتهم سنة 1853م بفرض الاستسلام غير المشروط، وقبلت منهم الاستسلام مقابل ترحيلهم من أرضهم إلى منطقة أخرى تختارها هي لهم، فقبلوا بشرطها مقابل الإبقاء على حياتهم وحياة أبنائهم، فاختارت لهم ضاحية بكارية الجنوبية الشرقية لتبسة الغابية الخضراء، ذات المياه الوفيرة، والخصوبة العالية، والبساتين المغلة، لتوطينهم فيها، فحلوا فيها نزلاء جدد على أهلها، الذين رفضوا التعاون مع المعمرين الجدد.
وكذلك وضع قبيلة (أولاد دراج العربية) التي استسلمت بعد ثورة واحة العمري سنة 1858م، ما جعل فرنسا تستغل فرصة توسيع مشروعها الإستعماري لتعمير منطقة تبسة الخالية من السكان بقبيلة جديدة، فبعد رفض الأهالي التبسيين العمل في أراضي المعمر الفرنسي (بن فالييه)، والمعمر (كامبون)، والمعمر (سبيرو)، الواقعة في السهل الأوسط من تبسة بين سلسلة الجبال الشرقية والغربية، حيث مجري ومصب (وادي بوعكوز والهماجة)، اغتنمت الإدارة الاستعمارية فرصة استسلام قبيلة أولاد دراج العربية الهلالية بشرط الإبقاء على حياتهم مقابل ترحيلهم إلى وجهة تختارها لهم فرنسا، وكانت هذه الوجهة ضاحية بكارية واستقرارهم فيها كعمال زراعيين عند كبار المعمرين، التي نزحوا إليها تحت حراسة الجنود الفرنسيين إليها واستوطنوا فيها إلى اليوم .
ويعد سكان تبسة محافظون بالمقارنة مع مناطق أخرى في الجزائر،حيث إن الشخصية الثقافية للتبسي تجمع بين الحديث والتقليدي – تقريبا – في جميع شؤون حياته الاجتماعية ،من مأكل وملبس وحتى العلاقات الاجتماعية، حيث أن الأطعمة المشهورة في المنطقة من مشقات القمح كالكسكسى والشخشوخة وغيرها من المعجنات .وفي اللباس نجده يجمع بين البدلة العصرية والبرنوس والقشابية والقدوارة، أما لدى المرأة فنجد أنها ترتدي الجبة والقندوة إلى جانبا للباس العصري في حين نجد العجائز لم يتخلين عن البخنوق والملحفة.
أما فيما يخص السكن فنجد هناك خليطا بين الطابع الغربي(العمارات) والطابع العربي الذي أكثر ما يميزه (الحوش) وكذلك إستقلال غرفة الضيوف عن باقي غرف المنزل –خاصةالمطبخ-الذي يرتبط بخصوصية المرأة التبسية والجزائرية عموما لتعكس ما يصطلح عليه في المنطقة(الحرمة).
يتبع...