الامتحان سنة الحياة ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ﴾ (الإنسان: من الآية 2)، وامتحان آخر العام أو آخر الفترة الدراسية هو تقييم لما بذله الطالب من جهد في استيعاب ما درس في أيهما، ويترتب عليه مستقبله الدراسي في الأعوام المقبلة إن شاء الله؛ ولذا فالطلاب أحد ثلاثة.
يتجهز لدخول امتحان، أو في امتحان فعلي، أو انتهينا من امتحان..
فأما الذين يتجهزون فأوصيكم بتجديد النية، وصدق العزيمة، والصبر بل المصابرة، وحسن الظن بالله؛ فإنه من تمام الاستعانة به، وجميل التوكل عليه.. واجب الوقت الاستذكار فلا تضيعوا لحظةً إلا في ذكرٍ أو استذكار أو حاجة لوالديكم تقضونها.
أما الذين يؤدون امتحاناتهم هذه الأيام فأوصيكم بدوام الذكر، ثم قسط من النوم، ولا تلتفتوا إلى ما فاتكم بل أحسنوا الاستعداد لما هو مقبل.
وأما الذين انتهوا من امتحاناتهم فإياكم أن تضعف صلتكم بربكم فاستكملوا ما يُعينكم على أداء رسالتكم الإسلامية السامية، من ترويح وصحبة صالحة وأنشطة مفيدة تحقق الفهم الصحيح والخلق القويم والبدن القوى، وأهم وسائلنا في ذلك الرياضة والرحلات والدورات والندوات والمعسكرات ومشروعات الخدمة العامة، فكل ذلك يؤهلكم أن تكونوا قدوةً نافعةً للناس ﴿وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ﴾ (الرعد: من الآية 17) عليكم أن تبدءوا بزملائكم الذين انتهوا من امتحاناتهم، ستجدون الآلاف من الأشبال والزهرات من تلاميذ وتلميذات المرحلة الابتدائية وآلافًا أخرى من طلاب وطالبات المرحلة الإعدادية والثانوية، وربما آلافًا أخرى من طلاب وطالبات الجامعات ممن أنهوا امتحاناتهم في الشوارع أو على قارعة الطريق، وآخرين على المقاهي أو في محال الألعاب الإلكترونية والنت كافيه، وآخرين يشاهدون التلفاز أو المواقع الإلكترونية، والكثير منها الغث المفسد وقليل منها النافع المفيد.
ستجدون المجموعات (الشِّلل) على النواصي تتداول الرسائل والصور الفاضحة على الهواتف النقالة، والأخطر من ذلك استدراج الشباب والصبية إلى تعاطي المخدرات.. تلك الصداقات التي تدعو إلى كل رذيلة وفاحشة.
واجب الوقت هو إنقاذ هؤلاء، فقوا أنفسكم وأهليكم وأصدقاءكم وجيرانكم هذه المهلكات بتقديم البديل الصالح والجذاب.. ليكن في كل شارع وكل حيٍّ بديل نافع مهما قلَّت إمكانياته؛ فالابتكار وبذل الجهد والاستفادة من أصحاب التجارب والخبرات والتعاون مع الهيئات الشعبية والجمعيات الخيرية وأنشطة النوادي ومراكز الشباب والمساجد سبيل لإنقاذ من شاء الله هدايته على أيديكم.
أيها الشباب..
ما أحوج أوطاننا وما أحوج أمتنا، بل ما أحوج البشرية جميعًا لقدوة صاغها الإسلام العظيم، فتزودت بالعلم وتجرَّدت للحق، وانتهت من الهوى، واجتنبت المحرمات، وابتعدت عن الشبهات، وتحصنت بالأخلاق، وتدربت على الخدمة العامة، ونظمت أوقاتها، وأعدت خطتها لإنقاذ شبابنا.
أيها الشباب..
أمل الإخوان في هذه الأمة عظيم، خصوصًا في شبابها فهم أرق أفئدةً وأقرب فطرةً، وقد خبرنا شباب هذه الأمة في معاركنا مع الاستعمار، ثم في مسيرتنا للإصلاح ثم في مناصرة المقاومة في فلسطين وغيرها، صِلُوا الشباب بربهم، وحَبِّبوا إليهم الإيمان، وزينوهم بالأخلاق وابعثوا فيهم الاعتزاز بالإسلام، وعلموهم الاهتمام بعظائم الأمور وترك السفاسف، وفجِّروا فيهم طاقات الخير.. بذلك تساهمون في إعداد جيل النصر المنشود.
أسأل الله لكم التفوق في دراستكم والتوفيق في امتحاناتكم والتميز في كل شئونكم.. ﴿وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ (التوبة: من الآية 105).