:( باسم الله الرحمن الرحيم
تستعد المنظمة لعقد مؤتمرها التاسع ولأجل هذا الغرض شكل المجلس الوطني في دورته الأخيرة محطة لانتخاب لجنة تحضيرية ، أول ما باشرت به تحديد رزنامة التجديد الوطني للهياكل.
لكن السؤال الحقيقي يختفي وراء الغرض من التجديد نفسه . هل هو مجرد إجراء تقني ، تفتح فيه الترشيحات ، وتعقد فيه الجمعيات العامة ، ليحدد نصابها القانوني ، ومن ثمتا تشكيل وانتخاب المجالس فالمكاتب فالفروع ، فالاقاليم وصولا للمؤتمر الوطني وانتخاب مجلس وطني وقيادة....
اختزال عملية التجديد في كل هذا ظلم لها في حد ذاته..ومحطات التجديد في التنظيمات التي تحترم نفسها ، يجب أن تكون موعدا للتأمل ومحطة انطلاق جديد .. لكن للأسف الشجاعة تدعونا للاعتراف بأن محطات المؤتمر وما يسبقها من تجديد للهياكل شكلت في السنوات الأخيرة فرصة مراكمة للكثير من الإرهاصات ، ذلك أن الأمر قد يختصره البعض في الانتصار للاشخاص وفي كثير من الاحيان للهياكل ، ولا تجد المنظمة برصيدها وموروثها ومبادئها وتطلعاتها من ينتصر لها.
المؤتمر ، لا يجب أن يبقى رهينة ضيق الحسابات بل يحتاج من كل اتحادي واتحادية إلى الانتقال إلى آفاق التفكير الرحب والهادئ في واقع المنظمة وما يريده منها أبناؤها أن تكون عليه فعلا
المؤتمر بمحطاته المختلفة فعلا فرصة
فرصة ضخ دماء جديدة ، تتواصل مع دماء قديمة موجودة ، لتشكل انسيابا تختصره بصورة جلية روح من العمل الجماعي والإبداعي ، ولأجل هذا وبدلا من جلد الذات الدائم المتواصل ، يحتاج الاتحاديون والاتحاديات إلى التأمل الصادق في أهمية التجديد في هذه المرحلة الهامة من حياة المنظمة
كثير من المعاني ترتبط بهذا التجديد من بينها
- أنه يأتي متزامنا مع دخول المنظمة في عقد جديد مع مؤاخداتي لقلة الزخم المرافق لهذا الدخول. لا أقول على مستوى الانشطة أو المبادرات فحسب بل حتى على مستوى الوعي الجمعي داخل المنظمة ، وطبعا مسؤولية ذلك تتفاوت بحسب طبيعة الوظائف .
- التجديد في المراحل الاخيرة ، تحول إلى هدف في حد ذاته، في حين أنه وسيلة من وسائل بعث دينامية وحراك ، وانتعاش داخل أوصال الهيكل نفسه.
- التجديد فرصة اختبار لمدى تواصل الهيكل مع وسطه ، وارتباط الطلاب بالمنظمة وهو المحك الحقيقي لوضع هذه العلاقة موضع تنمية أو موضع مراجعة.
- التجديد ليس نصابا يبلغ في جمعية عامة ( ويكاد يكون في كثير من الاحيان ملأ قاعات للضرورة ) ، وانتخابات تفصل على المقاس ، بل هو انتقاء للأفضل واختيار حر ومقتنع لرواد وقادة المنظمة محليا بصورة اساسية في المرحلة المقبلة.
- التجديد تكليف وليس تشريف ، إنه ليس سباق مناصب ولا محطة توزيع غنائم ، ولا فرصة نسج تحالفات ضيقة تختفي فيها مصلحة ومستقبل العمل والنشاط ، ولا يجب ان يكون كذلك بحكم مبادئ التنظيم وأخلاقياته.
- التجديد ، اختبار ثقة .. داخلية وخارجية .. وهو بالاساس تأكيد على المواصلة مع امتلاك الشجاعة في الاعتراف بالاخطاء وتصويبها و اكتشاف المهارات والطاقات وتوظيفها ومنحها مكانتها داخل الاتحاد ، وتثمين الجهود وشكرها و استنساخ النجاحات بل وصنع نجاحات جديدة
- التجديد كما اراه ، فرصة بعث للأمل ،....لماذا ؟
- الأمل في استمرارية رسالة المنظمة ، على الرغم من المآخد الموجودة حول مساراتها أو مواقفها أو مردودية عملها ( لا يفسد ذلك للود قضية ) ، مع عدم تحميل هذه المنظمة عبئ كل إخفاقات ما حولها أو إخفاقات وسطها ومجتمعها ، فهي جزء من الكل.
- الأمل في ان تبقى المبادئ التي حملتها المنظمة حية ، لأن الساحة تأبى الفراغ ودور الاتحاديين خصوصا في المراحل المقبلة مهم جدا لحماية المشروع الذي لطالما ناضل لأجله كثيرون ، خصوصا في الوسط الطلابي والجامعي وداخل المجتمع .
- الأمل في أنه لا زال هناك في الجزائر من يؤمن بالدور الطلابي الحقيقي المستوعب للتوازن المطلوب بين مختلف المحاور النضالية ، دونما إهمال أو إغفال للدور الرئيس ،والمرتبط برسالة الطلبة والجامعة ، فلسنا حزبا سياسا ، ولسنا جمعية خيرية ، ولسنا نقابة مطلبية صرفة ، ولسنا جمعية ثقافية ، لكننا منظمة طلابية تعي ادوارها النقابية ، والطلابية والسياسية ، والاجتماعية والثقافية ، من منطلقات طلابية شبابية وتدير هذه الأدوار المختلفة من هذا المنطلق وللأغراض والأهداف المقترنة برؤية الوسط الذي ننتمي إليه، وهنا يصنع التميز.
بالتأكيد سيفرز التجديد قيادات محلية ستشكل بدورها هياكل وسيطة وأخرى وطنية ، وهنا أؤكد أن نجاح العملية برمتها مرهون بعوامل اساسية :
أولهما استحضار معية الله في كل خطوة ، فما كان لله دام واتصل وما كان لغير الله انقطع وانفصل
ثانيا : بقدر ما يستوجب المسير من المرء النظر إلى ورائه واستحضار الماضي أدعوكم لأن يكون تركيزكم على المستقبل بروح تستقي من مآثر الماضي ، ولا تجترإخفاقاته ، وإن كان ضروريا التعلم من الأخطاء ، فبمثل ما انجز غيركم ، يمكنكم ان تنجزوا حتى تذكركم اجيال لاحقة بذلك ، ولكل جيل تحدياته وظروف عمله.
ثالثا : إن اخترتم فاختاروا اكفأكم ، وأصلحكم ،وأحرصكم على وحدة منظمته وعلى رصيدها وسمعتها ومبادئها ، والحريص على البذل والتضحية والعمل الملموس والميداني ، واحذروا الانتصار لعصبية أو جهوية أو صداقة أو قرب ، أو حلف أو جناح أو مرشح ، ليكن انتصاركم الحقيقي لضمائركم ولمصلحة المنظمة ،وأنتم مسؤولون أمام الله على اختياراتكم
رسالتي الأخيرة للإخوة المرشحين للمناصب القيادية الوطنية والأمانة العامة
الله الله في اتحادكم .. لطالما كنت قبيل كل مؤتمر ابرق للمجلس الوطني أنبه فيه لبعض المطبات على الطريق والمآخد الأخوية النابعة من حبي لكم ولهذه المدرسة التي كنا في يوم من الايام بين ظهرانيها .. وللأسف يجب أن يعترف الجميع بأن الأكف اضحت تضرع لله والقلوب تهفو وهي تنبض قلقا على المنظمة حينما تحين مواعيد مؤتمراتها ... لا لشيئ سوى لما يشوبها من مظاهر بعيدة عن آداب التنافس وأخلاق الرجال ..لتكن مواعيد المنظمة مواعيد للانتصار لا مواعيد للانكسار وبمقدور الجميع من موقعه أن يسهم في ذلك
لكني وبتواصلي معكم في رسالتي الاخيرة التي ارسلتها للمجلس الوطني حول الذكرى العشرين ، وحول التحضير للمؤتمر اغتنم هذه الفرصة داعيا أياكم ومن يدعمكم أن تجعلوا من محطة المؤتمر التاسع محطة عبور نحو ما هو افضل لمنظمتنا
أن تستحضروا رقابة الله عز وجل في كل خطوة تخطونها أو كلام تقولونه وأن يرتقي الجميع بالمنافسة ( وهي امر مشروع ولكنه مشروط ) ، لترفعوا همة ابناء المنظمة ، فأنتم قدوة عامليها وعاملاتها ، ولا اشك لحظة في ذلك
وما اتمناه ايضا أن يحذر الجميع بلا استثناء على كل المستويات ، التعرض للاشخاص أو المساس بأعراض الناس أو ان يغتابهم ، فهذا ليس من الاخلاق في شيئ وأربأ بإخواني أن يفعلوا ذلك وقد حملوا رسالة أخينا وحبيبنا الشهيد عبد الحفيظ سعيد ، صاحب الخلق الجم والأدب ،والابتسامة التي لا تفارق ، وعودوا إلى بعض المحطات حتى التي كان فيها مؤهلا لأن يكون على رأس المنظمة امينا عاما ، كيف تنافس في خلق ، وسحب ترشيحه في نهاية المطاف بخلق ، وتراس المجلس الوطني ، وأدار المؤسسة بحكمة ونجاح كبيرين.
أما النقطة الاخيرة فتتعلق بتوجيه النقاشات ، والوصول إلى المؤتمر التاسع بعصارة تعكس تطلعات حقيقية لابناء المنظمة ومن خلالهم الطلبة ...فرجاءا لا تختصروا المؤتمرات وتعطلوها فيمن يطلع ومن ينزل ..لا اختلف حول اهمية اختيار الافراد لكن لا تنسوا النقاشات الفكرية وافتحوا الباب على مصراعيه وناقشوا كل شيئ
إنها فرصة للجميع من ابناء المنظمة ليعبروا عن رأيهم في سياستها العامة ، وفي لوائحها ، وفي مساراتها وأداءاتها، لكن بموضوعية وبمنطق يبني ، لا منطق يهدم
فما كنا في يوم من الايام من دعاة النظر للاشياء بلونها الابيض او الاسود فقط ما دامت الوان الطيف متعددة
اختلجت في صدري هذه المعاني ...أسوقها صادقا محتسبا ذلك عند الله عز وجل
والله من وراء القصد
وهو المستعان
أخوكم
عبد القادر عراضة
عضو مكتب وطني سابق مسؤول الاعلام
صحفي بقناة الجزيرة
الرئيس الشرفي للمنتدى الوطني للاتحاد
الدوحة بتاريخ 1 مايو 2009