الولاء
الانسان في حياته اليومية بين حالتين: بين ان يتولاه الله سبحانه وتعالى وبين ان يتخلى عنه فاذا افتقر الى الله واعلن عبوديته له تولاه الله اما اذا اعتمد على نفسه وغيره من البشر تخلى الله عنه ولو كان اقوى الاقوياء واغنى الاغنياء .
اذن فالانسان بين حالين لا ثالث لهما: حال الولاء وحال البراء وهما اصلان من اصول الدين ومن لوازم لا اله الا الله محمد رسول الله فلا بد للانسان ان يتفهم المعاني الدقيقة للولاء والبراء فالولاء هو القرب والمناصرة والبراء هو البعد والتخلي..
فاعلم اخي في الله انك بين خيارين لاثالث لهما: بين الولاء لاولياء الله واحبائه وبين البراء لاعدائه، يقول علماؤنا: ليس في كتاب الله حكم فيه من الادلة اكثر ولا ابين من هذا الحكم بعد وجوب التوحيد، يقول تعالى( لا يتخذ المؤمنون الكافرون اولياء من دون المؤمنين) وقال ايضا: ( ياايها الذين ءامنوا لاتتخذوا عدوي وعدوكم اولياء..)
فالانسان المنفلت والمارق من الدين الذي لا يصلي والاباحي والكذاب والغتاب..الخ، لا ينبغي للاخ ان يصادقه اويقيم معه علاقات حميمية مهما كانت درجة قربه منه حتى ولو كان اخوه او شريكه في الغرفة.. لانه ان فعل كذلك فهو لست من الله في شيء.
يقول الله عز وجل:( يا ايها الذين ءامنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يالونكم خبالا..)
هي آيات ثلاث تحضنا على ان نلتقي مع الؤمنين وعلى ان نلتزم جماعة المؤمنين ونقيم معهم ونعطي ولاءنا لهم يقول عيه الصلاة والسلام:( اوثق عرى الايمان الحب في الله والبغض في الله)
اعلم اخي في الله ان الاسلام ليس مجرد افكار او ثقافة محشوة في عقولنا او قراءات نقراها او انتماءات ننتمي اليها..انه حب وولاء والتزام واندماج وتعاون مع جماعة المؤمنين.
اذن من هنا فصاعدا اذا رايت لا قدر الله اخ يقوم باي عمل غير صالح لاينتمي لا من قريب ولا من بعيد الى مباديء الاسلام او مباديء الاتحاد فلابد ان تبغض عمل هذا الاخ لا ذاته لان المؤمن الحقيقي لا يبغض الشخص لذاته وانما يبغض عمله فهذا سيدنا عمر رضي الله عنه حينما دخل عمير بن وهب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من اعدى اعداء الله وقد جاء ليقتل النبي صلى الله عليه وسلم وعلى عاتقه سيفه فلما جرى ما جرى بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم واسلم في حضرة النبي يقول عمر بن الخطاب: دخل عمير بن وهب على رسول الله والخنزير احب الي منه وخرج من عنده وهو احب الي من بعض اولادي. اذن هو لم يبغض عمير لذاته بل لعمله فلما غير عمله اصبح احب اليه من بعض اولاده، هكذا اذن الاخ الصادق لا يبغض اخوانه لذواتهم بل لاعمالهم.
فنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ماكان يغضب لذاته بل كان يغضب لما تنتهك حرمة من حرمات الله.
فاذا رايت اخ يجامل الجميع ويثتي على الجميع ويمدح الجميع ولو كانوا مقترفين لمعاصي او منحرفين عن مبادئ الاتحاد او مهملين لواجباتهم داخل التنظيم او غيره، فاعلم ان هذا الاخ قد ضاعت معالم ايمانه وضاعت هويته. فمن علامات الايمان البغض في الله والحب في الله.
فلعل هذا الذي قد انحرف عن المباديء واتبع هواه واستهوته الشياطين في الارض ومع ذلك وجد من يمدحه ويثني عليه ويعينه على انحرافه فكيف به ان يعود الى الطريق الصحيح بل سيواصل السير في طريقه...وبالتالي فان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر سيصبح في خبر كان، وحينها ستضطرب المباديئ وينشأ الناشئة على جهالة..
أما لون ان كل أخ لنا وجدناه قد حاد عن جادة الطريق واتبع هواه نصحناه بحكمة وموعظة حسنة قبل ان يواصل طريقه نحو الانحراف فان دائرة الصالحون ستتسع لامحالة على حساب دائرة الطالحون وقد جاء في الحديث:((ان الله ليغضب اذا مدح الفاسق)).
فالاخ الصالح والصادق وصاحب المبدا لا الافراد يدور مع الحق اينما دار ولا يهمه اي كان ولو كان اقرب الناس اليه مادام انه مع الحق فاعرف الحق تعرف الرجال .. ولو كنت وحدك فاصبر وعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت..اقول هذا لان الكثير منا يخطا في قضية الولاء للجماعة، فقد كان يقال لنا عندما كنا مثلكم داخل الاتحاد ان الجماعة لا تخطا وانه حيثما وجدت اخ يخالف الجماعة فاعلم انه شاذ ومن شذ شذ في النار وهذا حق اريد به باطل، فصحيح ان الله مع الجماعة ومن شذ شذ في النار وصحيح ان الله يقول (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ) ويقول رسولنا صلى الله عليه وسلم: (( لا تجتمع امتي على ضلالة)) ويقول ايضا(( عليكم بالجماعة واياكم والفرقة فان الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين ابعد وانما يأكل الذئب من الغنم القاصية ومن اراد بحبوحة الجنة فليلتزم الجماعة)) ويقول ايضا(( من رءا في أميره شيئا فليصبر فانه من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية)) كل هذا الكلام صحيح ونؤمن به ولكن المشكل يكمن في تعريف معنى الجماعة التي وردت في الايات والاحاديث.
يقول علمائنا الجماعة هي الطريق والمنهج وما كان عليه التبي واصحابه ويقول البعض ايضا ان الجماعة هي الحق ، فلا تعني الجماعة الخط العريض او السواد الاعظم من الناس.
يقول الامام علي كرم الله وجهه:(الناس ثلاثة: عالم رباني، ومستمع على سبيل نجاة، وهمج رعاع اتباع كل ناعق) فقد يهلك الاخ احيانا حينما يتبع اخوانا له على خطأ لانه لم يقيم هؤلاء الذين معه على معيار الحق والباطل والصواب والخطأ.بل على اساس القرب والصحبة والجهوية واللون واشياء ما انزل الله بها من سلطان هي من دعوى الجاهلية التي قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم: دعوها فانها منتنة، وقد لاحظنا هذه الولاءات بام اعيننا يوم كنا داخل الاتحاد وراينا كيف انها قسمت ظهر التنظيم وارجعته سنوات الى الخلف وهذه حقيقية لا بد من ذكرها لاني اؤمن بان الحقيقية المرة خير من الوهم المريح.
اذن الجماعة هي الحق فاذا اردت النجاة فعليك ان تتبع الحق اينما كان.. والله ولي التوفيق
